قبل 66 سنة، وبالضبط في 27 مايو1941، اغتيل الشهيد محمد بوراس إثر محاكمة صورية في ظل الأحكام العرفية، اغتيل فيما يمكن اعتباره'' اغتيالا وقائيا'' تجنبا لمخاطر هذا القائد الكشفي الوطني الذي كان يعتزم تدريب شباب الكشافة الإسلامية تدريبا عسكريا استكمالا للتربية البدنية والأخلاقية!
ولد محمد بوراس في 26 أبريل 1908 بمدينة مليانة العريقة بماضيها العلمي والنضالي، وبها تعلم مبادئ القراءة والكتابة باللغة العربية، قبل أن يلتحق بالمدرسة الفرنسية التي اضطر إلى مغادرتها بعد الحصول على الشهادة الابتدائية·
كانت رغبته في مواصلة الدراسة كبيرة، بدليل احتجاجه رفقة عدد من أقرانه على مدير المدرسة الذي حرمهم من فرصة ثمينة، كانت يومئذ حكرا على أبناء الذوات، أو الخدم الطيّعين لسياسة إدارة الاحتلال الفرنسي·
وبعد أن اضطر إلى ترك مقاعد الدراسة توجه -لصرف حيويته الفياضة- إلى رياضة النخب- ألعاب القوى، الجمباز، الرماية، كرة القدم· وقد تمكن فعلا من التفوق في كل منها بما في ذلك الرماية حيث أصبح من أمهر رماة البندقية في الجمعية ''المليانية''·
هذه الحيوية المتزايدة كان من الطبيعي أن تدفعه بمجرد أن اشتد عودة إلى الهجرة نحو العاصمة التي حل بها عام 1926 حيث عمل بعض الوقت بالحراش، قبل أن يحصل على عمل دائم بمصالح الأميرالية ككاتب راقن·
وبعد أن استقر في عمله بدأ يتردد على نادي الترقّي بساحة الحكومة (الشهداء) الذي استقطب يومئذ نخبة من الخيرين والمصلحين·· إلى جانب ذلك استأنف لعب الكرة أولا في ناد فرنسي ''بسانتوجان'' (بولوغين) يدعى'' لي دومافو'' قبل أن ينتقل إلى المولودية التي عاش معها في الموسم31-32 حدثا سعيدا: الالتحاق بفرق الدرجة الأولى بفارق 10 نقاط عن ملاحقها·
وبعد حلول الشيخ الطيب العقبي بالعاصمة في نفس الفترة تقريبا، ازداد تعلق الشاب الرياضي بنادي الترقّي والحركة الاصلاحية التي انتظم شملها في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تأسست في 5 مايو,1931 وتجلى ذلك في استئناف دراسته بالعربية في مدرسة الشبيبة ضمن الدروس المخصصة للكبار·
وبعد أن تبلور اتجاه الحركة الاصلاحية وبدأ صيت الشيخ العقبي يذيع بالعاصمة وضواحيها خاصة، راحت إدارة الاحتلال تناصبها العداء، في شكل تضييق على تدريس العربية وإلقاء الدروس الدينية بالمساجد· وقد أدى ذلك إلى مشاركة الشاب بوراس في عدد من مظاهرات الاحتجاج من بينها تجمهر أمام مقر عمالة العاصمة·
ويذكر يحي الضيف (علي فضي) أن صديقه بوراس كان في تلك الفترة كثيرا ما يتظاهر بقراءة الصحافة العربية في''التراموي'' لإغاضة ركابها من الأقدام السوداء''·
هذه النشاطات المتعددة لم تغط حاجة الشاب الحيوي إلى المزيد، فنجده يشارك في تحضير شهادة التأهيل العسكري الابتدائي· لكنه ما لبث أن أصيب في قدمه فتوقف آسفا عن مواصلة التدريب·
وفضلا عن كل ذلك كان يتابع دروس الكفاءة في كلية الحقوق بجامعة الجزائر·
* اعتمدنا في اعداد هذه الحلقة على كتاب محمد درويش الكشافة مدرسة الوطنية· وكتاب محمود عبدون ''شهادة مناضل في الحركة الوطنية''، فضلا عن شهادة أوعمران في كتابنا ''ثوار عظماء''·
..................................منقول...................................