لشيخ يوسف النبهاني
1850 ـ 1932
حياته هو
الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني الشاعر والأديب والقاضي ينتسب إلى بني
نبهان من عرب البادية في فلسطين الذين استوطنوا قرية «إجْزم» من أعمال
قضاء حيفا، وبها كان مولده، وبها أقرأه والده القرآن الكريم، وجعله يحفظ
بعض المتون في الفقه والنحو والصرف والبلاغة، ثم أرسله إلى الأزهر الشريف
حيث أمضى به سبع سنوات من (1283 ـ 1289هـ) عاد في نهايتها إلى فلسطين،
وأقام في مدينة عكا يلقى دروس الدين واللغة العربية على طلاب المعهد
الأحمدي بها.
وقصد
بعد ذلك الآستانة سنة 1293هـ حيث عمل في تحرير جريدة الجوائب وبقي بها نحو
عامين ونصف وقد خرج منها، وعين قاضياً في بلدة في ولاية الموصل ـ كوس سنجق
ـ من أمهات بلاد الأكراد، وبعد خمسة عشر شهراً غادرها عائداً إلى الشام
1296هـ. وتوجه بعد ذلك للمرة الثانية إلى دار الخلافة 1297هـ وأقام بها
نحو عامين، وألف كتابه الشريف الموبد لآل محمد (ص).
وعاد
منها بعد أن أسندت إليه رياسة محكمة الجزاء في اللاذقية فقدم إليها سنة
1300هـ وأقام بها زهاء خمس سنوات، ثم تولى رياسة محكمة الجزاء في القدس،
واجتمع فيها بالشيخ حسن بن حلاوة الغزي، الولي المعتقد صاحب الكرامات،
ولقنه الطريقة القادرية وبعض أوراد وأذكار، وبعد أقل من سنة ترقى إلى
رياسة محكمة الحقوق في بيروت، فجاءها سنة 1305هـ وأقام فيها وامتدت إقامته
نحواً من عشرين سنة ألف فيها كتبه وطبع أكثرها، ثم سافر منها إلى المدينة
المنورة مجاوراً، وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى سنة 1941م عاد إلى
قريته إجزم وتوفي بها، وله كتب كثيرة قال عبد الحفيظ الفاسي صاحب معجم
الشيوخ، خلط فيها الصالح بالطالح وحمل على أعلام الإسلام كابن تيمية وابن
القيم الجوزية حملات شعواء، وتناول بمثلها الإمام الألوسي المفسر، والشيخ
محمد عبده، والسيد جمال الدين الأفغاني وآخرين.
ترجم له الأستاذ خير الدين الزركلي في موسوعته الأعلام(
[1])، وذكر من كتبه نحواً من ثمانية عشر كتاباً، وأورد له الأستاذ يوسف سركيس في معجم المطبوعات ثمانية وأربعين كتاباً مطبوعاً
شعره ظفر
النبهاني في عصره بشهرة واسعة تجاوزت حدود الشام لكثرة مؤلفاته وتنوع
مادتها، حيث ألف في الحديث ودلائل النبوة، وعلم الكلام، والرد على
النصارى، وترجيح دين الإسلام وسيرة الرسول (ص) وشمائله، والمدائح النبوية،
وفضل الصحابة، وإقناع الشيعة وليس من شأننا في هذا البحث أن نتناول مجالات
النبهاني في العلوم والمعارف لأن بحثنا خاص بالشعر وقد كان المترجم له
أشهر بطل من فرسانه في الحقبة التي عاش فيها في بلاد الشام.
من منظوماته: 1 ـ طيبة الغراء في مدح سيد الأنبياء (ص) وهي همزية ألفية في ألف بيت.
2 ـ الرائية لكبرى في الكمالات الإلهية والسيرة النبوية ووصف الملة الإسلامية والملل الأخرى في 725 بيتاً.
3 ـ القصيدة الرائية الصغرى في ذم البدعة ومدح السنة الغراء
4 ـ السابقات الجياد في مدح سيد العباد. وهي معشرات متسلسلة قوافيها على حروف الهجاء كل حرف عشرة أبيات.
5 ـ سعادة المعاد في موازنة بانت سعاد.
6 ـ النظم البديع في مولد الشفيع.
ومن كتبه: المجموعة النبهانية في المدائح النبوية في أربعة أجزاء جمعها من شعر المدح النبوي لكثير من الشعراء في العصور المختلفة.
أما
القصائد الست التي ذكرناها فقد طبعت متفرقة، وطبع بعضها عدة مرات في مصر،
وتونس، والمدينة المنورة، وبيروت، وانتشرت في البلاد الإسلامية انتشاراً
واسعاً، ثم جمعت كلها مع قصائد أخرى في مجموعة واحدة طبعت عدة مرات.
وقال
الشيخ النبهاني في مقدمة هذه المجموعة: «إن هذه القصائد وإن كانت كل واحدة
منها تعد كتاباً فقد رأيت أن أجمع شملها في مكان يكون لزهرها كالسماء،
ولأزهارها كالبستان فجمعتها في هذا الديوان بل الروض الأبيض الذي أينع فيه
من كل فاكهة زوجان والعقد الفريد الذي إزدان به جيد الزمان وسميته «العقود
اللؤلؤية في المدائح المحمدية»(
[2]).
مختارات من شعره: 1
ـ يقول في الصفحة الأولى من همزيته الألفية طيبة الغراء: «يقول ناظمها قد
وازنت بهمزيتي هذه همزية الإمام الأبوصيري (أم القرى في مدح خير الورى)
عالماً أن الفضل المتقدم، وأنه بمنزلة المعلم، وأنا بمنزلة المتعلم، وإن
كانت هذه قد حوت أضعاف ما قد حوته تلك من السيرة النبوية، والفضائل
المحمدية، وامتازت عنها بحسن التقسيم والترتيب، حتى صارت بفضل الله، فريدة
في بابها لا نظير لها فيما أعلم بين أترابها، حرية بتدريسها وحفظها،
والاعتناء بشرح معناها ولفظها، لمن يهمه مدح رسو الله (ص)، ومعرفة سيرته
وفضائله ومعجزاته وشمائله لأنها أقوى أسباب محبته وقوة الإيمان»(
[3]):